موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهرياً

    أنا ناقصة - رواية عن الثقه بالنفس

    أنا ناقصة

    2025, Jumana

    رومانسية

    مجانا

    فتاة تعاني من عدم الثقة في مظهرها الخارجي بسبب تجارب سابقة ونظرة المجتمع. تتمنى أليكسا الحب وتكوين علاقة، لكنها تشعر بالإحباط بسبب تأخر هذه الأمنية. تتقاطع حياتها مع جارها الجديد الوسيم والمصور نيت، الذي يبدو أنه مهتم بها، مما يثير لديها مشاعر متضاربة بين الإعجاب والريبة. تتناول الرواية رحلة أليكسا نحو تقبل الذات وإمكانية العثور على الحب غير المتوقع.

    أليكسا

    بطلة الرواية، فتاة حساسة وغير واثقة في مظهرها، تعمل في متجر لفساتين الزفاف وتحلم بالحب.

    ميا

    صديقة أليكسا المقربة وزميلتها في السكن والعمل، شخصية مرحة وداعمة.

    نيت

    جار أليكسا الجديد، مصور وسيم يبدو مهتمًا بأليكسا، لكن تصرفاته الأولية تثير شكوكها.
    تم نسخ الرابط
    أنا ناقصة - رواية عن الثقه بالنفس

    الحكاية دي لكل واحد وقف قدام المراية في يوم من الأيام وانهار وعيط.
    الحكاية دي لكل واحد اتمنى يغير حاجة في شكله أو في نفسه.
    الحكاية دي لكل واحد حس في يوم من الأيام إنه مش كويس كفاية.
    الحكاية دي لكل واحد اتعرض للتنمر.
    الحكاية دي لكل اللي حاسين إنهم بعيد أوي عن الكمال.
    اعرف بس إنك مش لوحدك.
     
     ______________________
     
     
     أنا بعيدة أوي عن الكمال.
    
    لما ببص في المراية، ده اللي بيتفكرني. بشوف كل عيب فيا. ومش سهل إني ما أشوفش كده، طول عمري الناس بتشاورلي عليهم. دلوقتي بقيت بشوف اللي الناس كلها شايفاه، البنت التخينة.
    
    بكره أبص في المراية عشان بتفكرني باللي مش عايزة أشوفه. بتعكس اللي بقالي سنين بحاول أخبيه تحت الهدوم الواسعة. مهما حاولت ما أكرهش شكلي، مش قادرة. المجتمع علمني أكره نفسي.
    
    فيه أيام بنهار قدام المراية عشان مش طايقة أبص لجسمي اللي مليان منحنيات في الأماكن الغلط. لما بشوف علامات التمدد اللي مغرقة بطني، والسيلوليت اللي مغطي رجلي من ورا، والغمازات اللي مالية مؤخرتي المدورة، بحس قلبي بيتكسر نصين.
    
    مفيش يوم بيعدي من غير ما أتمنى جسمي يكون مختلف خالص، بس مهما اتمنيت، مفيش حاجة بتتغير. لسه البنت التخينة زي ما أنا، كل يوم.
    
    اللي الناس مش فاهمينه إني ممكن أجوع نفسي وبرضه هفضل تخينة. عرفت إزاي؟ لأني جربت أكل أقل من أي حد المفروض ياكل. لما بتكون يائس وعايز تخس عشان يبقى عندك جسم "طبيعي"، بتكون مستعد تجرب أي حاجة وأي طريقة.
    
    جربت تقريبًا كل حاجة عشان أخس، من تجويع نفسي، لأدوية، لأنظمة دايت موضة، وكل دايت يخطر على بالك. جربت كل ده. بس مفيش حاجة نفعت. وبرضه الناس عندها قلب تحكم عليا وعلى أي حد بيمر بده وهما حتى مش عارفين إحنا بنمر بإيه.
    
    كلنا عندنا صراعات وحروب داخلية، وأنا تعبت.
    
    تعبت من محاولة أغير اللي أنا عليه.
    
    أنا بس عايزة أتعلم أتقبل نفسي زي ما أنا، بس صعب لما طول عمري بكره الست اللي بشوفها في المراية.
    
    بكره رجليها التخينة وفخادها الأكبر من المتوسط، اللي ناس كتير تجرأت وسمتها فخاد رعدية. دراعاتها مش مختلفة. كبيرة زي بقية جسمها.
    
    بكرهها أوي لأني هي.
    
    بكره شكلي، بس عارفة إني مش لوحدي في ده. عارفة إن فيه ناس كتير أوي بتحارب الحرب الداخلية دي مع ثقتها بنفسها كل يوم في حياتها. وده اللي بيخليني أكمل، إني عارفة إني مش لوحدي في الصراع ده.
    
    لو فيه حاجة واحدة اتعلمتها، فهي إنك تتعلم تحب نفسك زي ما أنت ممكن يكون أصعب حاجة ممكن تعملها في حياتك. معظم الناس، إن لم يكن كلهم، مش مبسوطين بجسمهم. فيه بنات عايزة تبقى أرفع، وناس تانية عايزة تبقى عندها منحنيات أكتر. وبعدين فيه اللي عايزة صدر أكبر، ومؤخرة مشدودة، وشعر أحسن، والبعض التاني عايز فراغات بين الفخاد. للأسف، أنا مذنبة إني عايزة حاجات كتير من دي، لأني مش مبسوطة باللي عندي.
    
    عندي عدم ثقة بالنفس مالوش آخر وبتمنى كل يوم إني أكون أرفع وأحلى، وده مش مفاجئ أوي في أيامنا دي. المفاجئ هو إنك تلاقي حد يقدر يحبك زي ما أنت، بعيوبك كمان.
    
    يبدو مستحيل، صح؟ ده اللي فكرت فيه لحد ما قابلته.
    
    
    
    
    
    
    المنبه بيرن بس أنا رافضة أتحرك. ببقى نايمة في السرير وباصة على النجوم اللي بتنور في الضلمة اللي على السقف، وبفكر لو فضلت نايمة كده كتير، المنبه هيسكت ومسؤولياتي هتختفي معاه.
    
    بقفل عيني وبحس إني بدأت أنام لما بسمع خبط جامد على الباب.
    
    "يا أليكسا، قومي يا كسولة من السرير! لازم تجهزي عشان الشغل،" بسمع صوت صاحبتي المقربة وشريكتي في الشقة بتزعق من ورا باب أوضتي، وبتبوظلي اللي كنت فيه. بتأوه بتذمر.
    
    "روحي بعيد،" بزعق وأنا لسه نايمة وبكسل أرمي مخدة على الباب. بقلب على بطني وبسمع صوت الباب بيتفتح، وقبل ما أستوعب، البطانية بتاعتي بتتسحب مني. "بجد يا ميا؟" بتذمر وعيني لسه مقفولة.
    
    "بجد،" بترد بضحكة وبتخبطني بالمخدة اللي رميتها على الباب على راسي. "يلا بقى قومي واجهزي. آخر حاجة عايزينها إننا نتأخر على الشغل."
    
    "خلاص. هبدأ أجهز. بس اديني خمس دقايق كمان."
    
    "لأ يا أليكسا! قومي يا كسولة من السرير،" بتأمر وبتبدأ تشدني من رجلي لحد ما حرفيًا بتعلق في السرير عشان ما أقعش.
    
    "خلاص، استسلمت. استسلمت. هبدأ أجهز دلوقتي،" بقول بنفخة وبحس إنها سابت رجلي. "دلوقتي روحي بعيد، عشان أعرف أجهز."
    
    "تمام، بس تكوني جاهزة في نص ساعة."
    
    "حاضر يا ماما،" بقول وأنا بلف عيني وبقوم من السرير، وبفقد أي أمل كان عندي إني أنام دقيقة كمان.
    
    "متعمليش كده،" ميا بتقول بدلع وبتحط إيديها على وسطها، بس عارفة إنها بتهزر.
    
    "خلاص بقى. لازم أجهز دلوقتي بعد ما قمت،" بقول بأقصى طاقة عندي.
    
    "الحمد لله،" ميا بتقول وبترفع إيديها لفوق براحة. "هسيبك دلوقتي. بس دلوقتي عندك خمسة وعشرين دقيقة بس عشان أخدتي وقت طويل أوي."
    
    "تمام. يلا امشي بقى،" بقولها وبزقها بالراحة برا أوضتي قبل ما أقفل الباب وراها، ومبسوطة إنها أخيرًا مش واقفة على دماغي حتى لو ده لوقت قليل. متفهمونيش غلط. بحب ميا موت. بس مبحبش لما حد بيقف بيني وبين نومي، بس في الحالة دي، مفيش حل تاني. إحنا الاتنين لازم نروح الشغل.
    
    بسرعة بعمل روتيني الصباحي المعتاد وباخد شاور سريع قبل ما ألبس. ببص على لبسي نظرة سريعة وبتقبل حقيقة إني مش هبقى أحسن من إمبارح ولا اللي قبله وبطنش المراية خالص وبمشي جنب مكياجي اللي على ترابيزة الحمام وبمسك فرشة شعري.
    
    في الأيام الكويسة، كنت على الأقل بحط شوية ماسكارا ويمكن لون بسيط على شفايفي، بس النهاردة مش حاسة بكده. آخر حاجة عايزة أعملها إني أبص في المراية، فبطنش الجزء ده خالص وبسرح شعري الكيرلي.
    
    الناس كتير بتعجب بشعري الأسود الطويل اللي نازل مموج على كتفي وورا ضهري، بس حتى شعري مش كفاية يديني الثقة اللي محتاجاها عشان أحس إني كويسة، بس فيه أيام نادرة كده بحب فيها اللي بشوفه في المراية. قليلة أوي، بس لما بتيجي الأيام دي، بتمسك فيها كأنها حبل النجاة بتاعي، لأن الأيام دي هي اللي بتساعدني أكمل.
    
    بطلع من الحمام ومش عايزة أبص على نفسي في المراية وبمشي ناحية المطبخ وشنطتي في إيدي.
    
    "شكلك حلو أوي،" ميا بتعلق زي ما بتعمل كل يوم تقريبًا، بس بحس إن كلامها مش مختلف عن كلام أمي لما بتقولي إني جميلة، وهي في الحقيقة مبتقولش كده غير لأني بنتها. ده تقريبًا واجب كل أب وأم، وبحس إن ميا حاسة بنفس الإحساس ده عشان أنا صاحبتها المقربة وشريكتها في الشقة، بس بشكرها برضه. عمري ما باخد كلامها على محمل الجد، لأني بصعوبة بصدقها مهما قالتلي إني حلوة وجميلة كام مرة.
    
    "شكرًا يا ميا،" برد. حتى مبحاولش أقلل من نفسي لأني عارفة إنها هتزعقلي. بخلي أفكاري السلبية لنفسي وبس بصب لنفسي كوباية قهوة طازجة.
    "عملتلك بيض وبسطرمة وبطاطس محمرة زي ما بتحبي،" بتقولي وهي بتناولني طبق مليان أكل ريحته تجنن.
    "أنتي الأفضل،" برد بامتنان وباخد طبقي على ترابيزة السفرة الصغيرة بتاعتنا.
    "على الرحب والسعة. يلا بسرعة كلي. مش عايزين نتأخر على الشغل."
    "حاضر يا فندم،" برد بتحية عسكرية وببدأ أكل فطاري، ومستمتعة بكل لقمة طعمها يجنن. "شكرًا على الفطار التحفة ده،" بقولها وأنا بخلص آخر لقمة وباخد طبقي على الحوض عشان أغسله، بس هي بتسبقني.
    "على الرحب والسعة. يلا روحي سخني العربية وأنا هخلص غسيل الأطباق."
    "حاضر. شكرًا تاني." باخد شنطتي وبطلع من باب شقتنا الصغيرة اللي فيها أوضتين نوم.
    شقتنا مش كبيرة أوي، بس بحبها لأنها دافية وفيها كل اللي محتاجينه. أوضة معيشة صغيرة، ومطبخ، وأوضتين نوم وحمامين. أنا عندي حمام خاص في أوضتي وميا عندها الأوضة الأكبر، بس هي فضلت كده على إنها يكون عندها حمام في الأوضة، فبتاخد حمام الضيوف لوحدها.
    كمان مفيش جيران مزعجين فوقينا لأن شقتنا دور واحد بس، وده ميزة. عندنا جيران، بس كلهم كويسين أوي وعمرهم ما عملولنا أي مشاكل. عندنا كام جار على يميننا وفيه فناء على شمالنا. وعلى الناحية التانية من الفناء فيه شقق دور واحد تانية. وفي آخر الفناء من ورا فيه شقق أكتر.
    تصميم غريب شوية بس عندنا فناء كبير فيه عشب بين المستطيلين الكبار اللي متكونين من شقق دور واحد. الفناء مش حاجة مميزة أوي بس هي المساحة الخارجية المتاحة لينا لو حبينا نعمل حفلة في أي وقت. عمرنا ما عملنا، بس كتير من جيراننا بيعملوا حفلات هنا وهناك.
    
    
    
    فيه كام شقة ليها جنينة ورا. إحنا مكناش حاسين إننا محتاجين جنينة عشان معندناش حيوانات أليفة، فخدنا الشقة الأكبر بدلًا منها. مش كبيرة أوي بس أكيد أكبر من اللي ليها جناين ورا.
    
    اتحالفنا وجبنا الشقة اللي على الزاوية جنب الفناء بالظبط. شقتنا كمان بتبص على منطقة عشب صغيرة عاملة زي الجنينة. فيها ترابيزات وكراسي شمسية وشوايات عشان السكان يعرفوا يطبخوا وياكلوا برا. ورا المنطقة العشبية فيه الباركينج الكبير اللي بنركن فيه كلنا عربياتنا. المجمع بتاعنا مش حاجة مميزة أوي بس هو بيتنا وإحنا بنحبه هنا.
    
    بطلع برا شقتنا وبمشي كام خطوة لما بسمع صوت تكة الكاميرا. ببص بسرعة على يميني وبشوف راجل ماسك كاميرا في إيده. كاميرا كانت متوجهة ناحيتي بالظبط.
    
    "ممكن أساعدك؟" بسأله والراجل بيتجرأ وياخد صور أكتر وأنا واقفة مستنية رد. "ممكن أساعدك؟" بكررها بضيق وأخيرًا بينزل الكاميرا من على وشه، وبيظهرلي عينين زرق فاتحة وابتسامة مستفزة نفسي أضربها على وشه اللي شكله حلو بشكل سخيف.
    
    "أنتي فعلًا ساعدتيني،" بيرد أخيرًا بصوت جهوري عميق وده آخر حاجة كنت متوقعاها تطلع منه.
    
    "نعم؟" برد وأنا متفاجئة ومش عارفة أقوله إيه.
    
    بيضحك ببساطة، وبيطنش كلامي خالص وبيمشي ناحيتي لحد ما بيبقى فيه حوالي متر بيننا. ببص لفوق عليه، وأنا قصدي ببص لفوق حرفيًا لأنه أطول مني بكتير. معنديش فكرة طوله قد إيه، بس بما إني طولي حوالي 170 سم، بتوقع إنه أكتر من 180 سم. مش فارق معايا يعني. في الآخر، دايماً حلو الواحد يبص على راجل طويل.
    
    "أنا نيت، جارك الجديد،" بيقولي وبيمد إيده ناحيتي. برفع حاجبي، ومش مصدقة ولا كلمة طالعة من بقه وببصله بس، ورافضة أسلم عليه.
    
    "وأنا بريتني سبيرز،" برد بسخرية.
    
    "بصي، ده بجد. أنا ساكن حوالين الزاوية ناحية آخر المجمع،" بيقولي وهو بيهز كتفه وبيرفع إيده اللي كان مدّها عشان يحك رقبته من ورا في نفس اللحظة اللي ميا بتطلع من شقتنا.
    
    "أنا عارفة الشقة اللي بتتكلم عنها. دي اللي بقالها شهور فاضية وبتبص على الناحية اللي ورا من الفناء."
    
    "أيوة، هي دي. أنا ساكن فيها دلوقتي،" بيصر بس أنا مش مصدقاه ولا لحظة.
    
    "إيه ده! ليه مسخنتيش العربية يا أليكسا؟" ميا بتشتكي وهي بتقاطع كلامنا. بتمشي ناحيتي بس مش بتاخد بالها من الدخيل. بشاورلها بعيني ناحية الراجل الجديد، وأخيرًا بتستوعب إننا مش لوحدنا.
    
    "مسخنتش عربيتي عشان الظاهر عندنا جار جديد،" بقولها.
    
    ميا بتبص لفوق عليه وحرفيًا لازم ترجع رقبتها لورا عشان هي أقصر مني بكام سنتي، بس هي متصالحة مع شكلها الصغير.
    
    "يعني دلوقتي مصدقاني؟" جارنا الجديد المفترض بيسأل وبيهز كتفي.
    
    "مش أوي،" بقول بصراحة. "بس ده مش اللي فارق معايا. ليه كنت بتاخدلي صور زي المتخلفين بالظبط؟ أنت حتى متعرفنيش."
    
    "أنا مصور."
    
    "وده يديك الحق تاخد صور لناس غرباء عشوائيين؟"
    
    "مش قادر أمسك نفسي. التصوير ده شغفي."
    
    "وده إيه علاقته بيا؟"
    
    "شفتك وعرفت إني لازم ألتقط جمالك."
    
    "يا سلام،" برد بضحكة باردة وبلف عيني، ومش مصدقة الكلام الفارغ اللي طالع من بقه.
    
    "أنا كنت قاصد اللي قلته،" بيقول بجدية لدرجة إني قربت أصدقه، بس مش قادرة. مش لما عارفة من جوايا إني مش جميلة.
    
    "سمعت كفاية،" برد بغضب، وبتفت لميا. "يلا بينا. مش عايزين نتأخر،" بقولها وبزق جارنا الجديد المفترض وأنا ماشية.
    
    مش لازم أبص ورا عشان أعرف إنه بيبص عليا وأنا ماشية بعيد عنه. "يا ميا، فوقي بقى،" بتمتم بغضب وأنا ماشية. أول ما شافته سكتت ومش فاهمة ليه. أيوة، الواد شكله حلو بس المظاهر مش كل حاجة.
    
    "معلش. هو بس... شكله يجنن،" بتوشوش آخر كلمة وهي بتطلع تركب جنب السواق في عربيتي.
    
    "أنا مش موافقة،" بكذب وأنا بركب كرسي السواق، وبقفل باب عربيتي. بحط المفتاح في الكونتاكت وبدور العربية. وأنا العربية بتسخن، بحط حزام الأمان وبشوف من طرف عيني إنه لسه واقف في نفس المكان، وباصص ناحيتنا. بتفت ناحيته وبشوف الكاميرا متوجهة ناحيتي تاني، فبرفعله صباعي الأوسط، وبطلع بالعربية بسرعة من الباركينج، ومش عايزة أشوف وشه اللي شكله حلو بشكل مقزز تاني.
    
    بتنهد، وكارهة إني حتى فكرت إنه شكله حلو في الأول وبشغل أول محطة راديو بلاقيها، ومحتاجة موسيقى تغطي على أفكاري عنه.
    
    بوصل مكان شغلنا بعد ربع ساعة والحمد لله بوصل في الوقت بالظبط قبل ما الشيفت بتاعنا يبدأ.
    
    ميا بتسبقني لجوا محل فساتين الأفراح اللي بنشتغل فيه وبتروح على طول ناحية ورا المكان اللي فيه اللوكرز الصغيرة بتاعتنا. بسرعة بنحط حاجتنا وبناخد بطاقات الاسم بتاعتنا قبل ما نرجع تاني على الصالة اللي فيها زباين بيتفرجوا على فساتين فرح بالفعل. بحط بطاقة اسمي زي ما بعمل كل يوم وبثبت ابتسامة على وشي قبل ما أروح ناحية أقرب عروسة مستقبلية، اللي شكلها مبسوطة على الآخر.
    
    
    
    
    على طول سألتها عن فرحها، وعريسها، وإيه اللي في بالها لفستانها. وقبل ما أستوعب، كنت بساعدها تدور على فستان أحلامها، وده اللي بعمله كل يوم شغل مع عشرات العرايس المستقبليات وبحب أعمله.
    
    مش قادرة أستنى اليوم اللي هكون أنا واحدة منهم. عايزة أحس بالإحساس المميز اللي بتحسه العرايس المستقبليات وهما بيقيسوا فستان أحلامهم، بس الأول لازم ألاقي فارس أحلامي، وده اللي بيثبت إنه شبه مستحيل، فمبقتش حتى بتعب نفسي وأتمنى. بقيت بس بساعد ستات تانيين يحققوا أحلام جوازهم في حين إن حلمي أنا بينطفي بالبطيء زي شمعة بتخلص.
    
    بعد ما ساعدت العروسة المستقبلية تقيس أكتر من تلاتين فستان لقينا الفستان. حرفيًا خلاها هي وأمها يعيطوا. دايماً بتبقى لحظة حلوة الواحد يشوفها، بس مبقتش أحس بالفرحة اللي كنت بحسها أول ما اشتغلت هنا. مش معنى كده إني مش فرحانة للعرايس، أنا فرحانة. بس عندي فراغ كبير في حياتي وكل ما الوقت بيعدي من غير ما أعيش الحب بنفسي، الفراغ ده بيكبر أكتر وأكتر. بس لما بيجي الكلام عن الحب، مفيش حاجة اسمها استعجال.
    
    الحب هيجيلي لما ييجي وقته، بس بياخد وقته أوي وده بدأ يضايقني بجد. خصوصًا إني لسه مخطبتش ولا اتبست قبل كده. كل الناس بتقولي لازم أكون صبورة وأستنى لأن وقتي هيجي. بس مش عارفة إمتى. دايماً بتمنى يكون قريب، بس لسه مظهرش، وده بدأ يحبطني لأني مش بصغر هنا.
    
    "يا أليكسا، ممكن تيجي تساعديني مع الزبونة بتاعتي؟" بسمع صوت ميا بتقول بخوف وبفوق من شرودي، وبستوعب إني كنت سرحانة بفكر في حياتي العاطفية اللي مش موجودة.
    
    "أيوة، أكيد،" برد والزبونة بتاعتي بتحاسب على فستانها عند الكاشير. بوّدلّها بإيدي وبمشي ناحية ميا والعروسة المستقبلية بتاعتها. أول ما بوصل عندهم بعرف إن الأمور مش ماشية كويس.
    
    الزبونة بتاعتها بتعيط حرفيًا، وميا عمرها ما كانت كويسة في التعامل مع ده، فغالباً أنا اللي بتولى الموضوع لما بيحصل كده لأني أحسن في التعامل مع العرايس اللي بتعيط. على طول بمشي ناحية البنت اللي بتعيط، واللي أكيد مش أكبر من أربعة وعشرين سنة، وببتسم لها قبل ما أبدأ أتكلم معاها عن اللي عايزاه زي ما بعمل مع كل زبونة. أول ما بيكون عندي فكرة كويسة عن اللي عايزاه، بروح أجيب شوية فساتين عشان تقيسها وبتبدو أكتر من مستعدة تجربهم كلهم. لحسن حظي، الموضوع موصلش لكده لأنها على طول بتحب الفستان التاني اللي بتقيسه وبتقول إنه هو الفستان، فبصدق كلامها وبسيبها في إيد ميا وأنا بروح أساعد عروسة مستقبلية تانية.
    
    وقبل ما أستوعب، الشيفت بتاعي بيخلص وأخيرًا ببقى حرة أروح البيت، وده اللي ميا وأنا مرتاحين عشانه، لأننا شفنا زباين بتعيط أكتر من اللازم طول الشيفت اللي استمر تمن ساعات ومكنش سهل إننا نسعدهم بس بمعجزة ما نجحنا ولقينا فستان الفرح المثالي لكل واحدة فيهم.
    
    بس كنا محظوظين لأن الزباين مش دايماً بيمشوا وهما لاقيين فستان أحلامهم ولما ده بيحصل، بيكون محبط بجد لأن كل عروسة مستقبلية بتيجي وهي حاطة في دماغها إنها هتلاقي الفستان في أول ميعاد بس ده نادراً ما بيحصل. إحنا بس كنا محظوظين النهارده.
    
    لما بنطلع من محل فساتين الأفراح بنتنهد براحة وبنمشي ناحية عربيتي، وعارفين إننا قربنا أكتر من الوصول للبيت. برمي لميا مفاتيح عربيتي وهي بتاخد الدريكسيون بفرحة وأنا بركب جنبها، ومستعدة أكتر من أي وقت إني أروح البيت عشان أقدر أسترخي أخيرًا وأنسى كل حاجة عن الأفراح والزباين اللي بتعيط.
    
    بسند راسي على شباك العربية اللي جنب الراكب وبقفل عيني، ومحتاجة غفوة صغيرة عشان تصبرني لحد الليل لما أخيرًا أنام نومة كويسة.
    
    "وصلنا،" بسمع صوت ميا بتوشوش وبتأوه بتذمر، وكارهة إني لازم أصحى من غفوتي القصيرة.
    
    "خدي عربيتي لفة حوالين البلوك، عشان أنام شوية كمان،" بتمتم بنعاس، وده بيخليها تضحك.
    
    "مفيش الكلام ده. عندنا ضيوف."
    "مين؟" بسأل وأنا نص نايمة.
    "جارنا الجديد الوسيم."
    "يا لهوي على المصيبة،" بتمتم بيني وبين نفسي، وبفتح عيني بالبطيء عشان أشوف إن ميا مش بتهزر. "إيه اللي بيعمله هنا ده؟" بسأل بصوت عالي من غير ما أقصد.
    "مفيش غير طريقة واحدة نعرف بيها،" ميا بترد بابتسامة وبتنط بسرعة من العربية، ومش بتسيبلي أي اختيار غير إني أتبعها. بتنهد، وحاسة بالضيق من مجرد وجوده، وبنزل من العربية، ومصممة إني أعمل حاجة واحدة وبس.
    بلحق ميا أول ما بتقرب من "جارنا الجديد"، بس بدل ما أفضل جنبها بتجه ناحية باب بيتنا على طول، ومصممة إني أدخل الشقة. للأسف، خطتي بتفشل لما بيقف قدام بابنا، وبيسد المدخل الوحيد لمكاننا.
    "بجد؟" برد بغضب، ومش مصدقة إنه بيمنعني أدخل بيتي.
    "كنت بس عايز أتكلم. حاسس إننا بدأنا غلط شوية النهاردة، وعايز أصلح ده."
    "متتعبش نفسك،" برد بنفخة.
    "بصي، أنا آسف بجد إني صورتك من غير ما أستأذن. أوعدك إن ده مش هيحصل تاني،" بيقولي وعارفة إنه صادق. بس مش عايزة أسمع ده. مش دلوقتي.
    "تمام. مسامحاك. ممكن بقى أدخل شقتي؟" بتوسل، وده سخرية شوية لأني تقريبًا بتوسل عشان أدخل بيتي.
    "أيوة، بس مش قبل ما أقول آخر حاجة."
    "تمام. قول اللي عندك بسرعة،" برد بقلة صبر، وبشوف ابتسامة بتظهر على شفايفه، وده بيضايقني أكتر لسبب غبي.
    "عامل حفلة بمناسبة البيت الجديد عندي يوم الجمعة ده، وكنت بتمنى تيجوا أنتم الاتنين،" بيقول وهو بيبص عليا أنا وميا.
    "أنا-" ببدا أتكلم بس ميا بتقاطعني قبل ما أخلص حتى.
    
    
    
    
    
    
    "إحنا هنكون هناك،" بترد بابتسامة مغرية نفسي أمسحها من على شفايفها دي حالا. الظاهر كل حاجة مضايقاني النهاردة، ميا كمان.
    
    "عظيم،" بيرد بابتسامة عريضة كأن ميا لسه قايلاله أحسن خبر في حياته. "الحفلة هتبدأ الساعة تمانية بس أنتم الاتنين مرحب بيكوا تيجوا بدري لو حابين تقعدوا شوية."
    
    "هناخد ده في الاعتبار،" ميا بترد بدلع، وده بيخليني عايزة أرجع.
    
    "أوكيه، أنا كده خلصت هنا،" برد بعد ما سمعت كفاية منهم هما الاتنين.
    
    "أظن هشوفكوا قريب،" جارنا الجديد الرسمي بيقول، وده اللي بكره أعترف بيه، بس هو واضح إنه مكنش بيكذب. هو فعلًا جارنا الجديد. يا بختي. "وأنا آسف بجد إننا بدأنا غلط،" بيعتذر ويبص في عيني مباشرة.
    
    "تمام،" برد بابتسامة نص نص وهو بيبعد عن بابنا. بدور في شنطتي وبلاقي مفتاح شقتي، ومبسوطة إني أخيراً هعرف أسترخي مرة واحدة وللأبد، وبفتح باب الشقة. "تصبح على خير يا نيت،" بقوله وأنا بدخل شقتي، بس برفض أبص في عينه. مش قادرة أبص في عينه، بعد كل اللي قلتهوله.
    
    زي العادة، حطيت لساني في بوقي، ومحرجة لأني لسه ناقل جديد في المجمع وأنا من أول يوم اديته على دماغه. هو اللي بدأ بصراحة لما صورني من غير إذني. كان المفروض يبقى عارف كده، بس اللي مضايقني أكتر إنه دلوقتي عنده صوري والأمر الأسوأ إني حتى مش حاطة مكياج فيهم. أراهن إنهم كلهم طلعوا وحشين وبتمنى يعمل فينا معروف ويمسحهم كلهم. ميرضوش يشوفوا النور.
    
    كمان بتمنى ميكونش جار مزعج لأني لحد دلوقتي كل جيراننا كانوا كويسين أوي، بس مش متأكدة أوي إيه رأيي فيه. لو طلع مزعج، هتعلّم أكره الراجل ده، حتى لو كان شكله حلو. محدش بيحب الجار المزعج.
    
    بطرد أي فكرة عنه وبمشي ناحية أوضتي النوم اللي سريري الحلو المريح مستنيني فيها. ببتسم للمنظر الجميل اللي عامله سريري وبقلع هدومي بسرعة قبل ما أنزلق في تي شيرت كبير ومريح أوي ومثالي للنوم.
    
    بسمع خطوات ميا بتقرب وبجري بسرعة على حمامي. مش عايزة أتكلم معاها. عارفة إننا لو اتكلمنا، هتفتح موضوع نيت، وأنا مش عايزة أتكلم عنه ولا ذرة.
    
    بقفل على نفسي باب الحمام وبشغل الدش وأنا بقضي حاجتي، وعارفة إن ميا هتسيب أوضتي لو فاكرة إني بستحمى. بستنى كام دقيقة بعد ما بخلص، وبطفي الدش قبل ما أرجع أوضتي تاني. مفيش أي أثر لميا، وده معناه إن الجو آمن.
    
    بقفل باب أوضتي وبنط على سريري، وبنزل في نص سريري الكبير، اللي بينادي عليا من الصبح لما سيبته. "يا سلام على العيشة،" بتمتم وأنا بسترجع أحداث النهاردة في دماغي، بما في ذلك اللحظة اللي قابلت فيها نيت وكل اللي حصل بعدها.
    
    بتنهد، وكارهة إننا بدأنا غلط، بس على الأقل اعتذر، وده اللي معظم الرجالة عمرهم ما هيجرؤوا يعملوه لأن كبريائهم أهم بكتير. بس الظاهر ده مش فارق مع نيت، وده اللي بحترمه فيه. اعترف بغلطه. دلوقتي بس لازم ألاقي في نفسي إني أكون ألطف معاه، لأني مكنتش جارة لطيفة، وبصراحة، ده أقل حاجة ممكن أعملها. خصوصًا إني هشوفه كتير أوي من النهارده ورايح.
    
    بقلب على ضهري وببص على السقف، وبحاول أفكر في أي حاجة غير نيت، وبدأت أعد النجوم اللي بتنور اللي مغطية السقف كله، وده مش أنا اللي عاملاه بس السكان اللي كانوا هنا قبلنا.
    
    مدير الشقق عرض يشيلهم لما نقلنا في الأول، بس قولتله يسيبهم لأني حسيت إنهم مدين للأوضة شكل حلو، ولأول مرة كانوا مفيدين بجد لأن عدهم كان بينيمني.
    
    بحس جفوني بتنزل بالبطيء وبستسلم لتعبي، ومتمنية إن بكرة يكون يوم أحسن من النهارده.
    
    

    لحظات محرجة وحب

    لحظات محرجة وحب

    2025, كاترينا يوسف

    رومانسية

    مجانا

    فتاة جامعية تعمل بدوام جزئي وتقابل شابًا غامضًا وجذابًا يدعى كيران يثير فضولها وإعجابها. تتخلل القصة مواقف محرجة وتفاعلات مشوبة بالجاذبية بينهما في محيط العمل. تحاول جيما فهم مشاعرها تجاه كيران وتتعامل مع قلقها الاجتماعي، بينما تستكشف أيضًا صداقتها القوية مع أليس وحياتها الشخصية. تتصاعد الأحداث في إطار من الرومانسية الخفيفة والكوميديا والمشاعر المتضاربة.

    جيما

    تاة جامعية تعمل في قسم التكنولوجيا، تعاني من بعض القلق الاجتماعي وتجد نفسها منجذبة لكيران. دورها يتمحور حول تجربتها في التعامل مع هذا الانجذاب، استكشاف مشاعرها، وتفاعلاتها مع الشخصيات الأخرى.

    كيران

    يصل للتدريب في قسم التكنولوجيا. دوره يتمثل في كونه محور اهتمام جيما ومصدر فضولها وإعجابها. تفاعلاته الصامتة ونظراته تثير تساؤلات جيما وتدفع الأحداث للأمام.

    أليس

    صديقة جيما المقربة وداعمتها. دورها هو تقديم الدعم العاطفي والتشجيع لجيما، بالإضافة إلى كونها شخصية مرحة تساعد في تخفيف الأجواء وتقديم منظور خارجي لأحداث حياة جيما.
    تم نسخ الرابط
    روايه علاج الروح

    بأسمع صوت زور خفيف تاني، وبنفض نفسي من اللي كان في دماغي.
    
    "احم، أنا كيران. أنا جاي أتدرب عشان وظيفة في التكنولوجيا؟" بيقولها كأنه سؤال، بيبص عليّ ثواني وبعدين عينيه بتوسع وينزل بصره للأرض. خدوده بتحمر أكتر، وباين إنه ماسك نفسه بالعافية عشان ما يبصش عليّ تاني.
    
    إيدي بتدلك على جبيني بالراحة، بحاول أضيع علامة المكتب اللي أكيد معلمة. وبقي مفتوح على الآخر برضه، بس مش عارفة أطلع كلام.
    
    "آسفة،" بابتسم ابتسامة مترددة. "أنا اسمي جيما. أنا اللي هوريك المكتب." وبمد له إيدي التانية، اللي ما كانتش على جبيني، عشان أسلم عليه. ده كان بعد ما مسحتها في بنطلوني الجينز عشان أي عرق توتر ظهر في التلاتين ثانية اللي فاتوا.
    
    كيران بس بيحرك راسه عشان يبص على إيدي وبيسلم عليا بسرعة، وبعد كده بينزل عينيه تاني. بيقول بصوت واطي "تمام كده" وأنا بلف من ورا المكتب عشان أوريه المكان، وبتجاهل النغزة اللي حسيتها في إيدي.
    
    ببص بسرعة في المراية اللي على المكتب عشان أتأكد إن العلامة اللي على جبيني راحت، وبتنفس براحة لما ما بلاقيش حاجة.
    
    جولة المكتب كانت مملة بصراحة. بوريه المكتب بتاعه، وبوريه أوضة التصوير، وبأشاور له على الحمامات فين، وأخيرًا بنروح الأوضة اللي فيها الكمبيوترات والأجهزة التانية اللي هيستخدمها في التدريب. وإحنا ماشيين، بحس إنه بيبص عليّ، بس بطرد الإحساس ده من دماغي. أنا نفسي كنت بحاول ما أبصش عليه عشان خايفة ألساني يسيل.
    
    "دي أوضة التكنولوجيا. كل اللي هنا بيقولوا عليها 'تِك' اختصارًا، فما تتخضش لما ما تسمعش الكلمة كاملة أبدًا،" بضحك بتوتر على محاولتي أقول نكتة. كيران ما بيقولش حاجة، ووشه لسه محمر شوية من أول ما دخل مكتب التكنولوجيا.
    
    على الأقل أنا مش الوحيدة اللي متأثرة، بس مش فاهمة ليه بيتصرف كده. أنا مش صاروخ جمالي زيه.
    
    بكمل الجولة، وبنقّف عند مكتب أنتوني. بشرح له دوره كمسؤول التكنولوجيا وإزاي بيدير المكتب، وبفهم كيران إنه ده الشخص اللي هيرجع له عادةً. وبقول له كمان إن هو اللي بيعمل الجدول.
    
    "أنا بس بوريك المكان النهارده عشان هو مشغول بشوية حاجات في الحرم الجامعي. عندنا معرض تكنولوجيا كل ترم عشان الناس تيجي وتاخد مساعدة في أي مشاكل تكنولوجية عندهم. دي طريقة كويسة عشان الطلاب يفتكروا إن فيه دعم ليهم هنا وكمان عشان يوصلوا له بسهولة أكتر. فيه تحضيرات كتير بتتعمل للمعرض ده، فمتأكدة إنك هتشتغل على حاجات ليها برضه. عندك أي أسئلة لحد دلوقتي؟"
    
    كيران بيهز راسه، وشعره بيتحرك على وشه وبيخلي الندبة بتاعته تبان أكتر شوية. بحاول ما أبصش، وبحول نظري بسرعة.
    
    "تمام. طيب، لو ما عندكش أي أسئلة، ممكن أقعدك مع حد بتاع تكنولوجيا بجد عشان يوريك هتعمل إيه. عندك خبرة كبيرة مع الكمبيوترات؟"
    
    "أظن،" كيران بيقولها وهو بيرفع كتفه لفوق شوية.
    
    بهز راسي وبقلب عيني بسيط، بفهم إنه مش طايق يتكلم معايا. بشوف نظرة في عينيه ثواني، كأنه... متضايق؟ بتروح بسرعة، كأنها ما حصلتش أصلًا.
    
    بوصله لحد كريس، واحد تاني بتاع تكنولوجيا، وبقول له يقول لي لو احتاج أي حاجة قبل ما أنتوني يرجع. برجع ناحية مكتبي، وبأدرك إني بقالي كتير بره، وأكيد فيه كام مكالمة فاتتني.
    
    قبل ما أخرج من أوضة التكنولوجيا، بحس إني متراقبة. ببص ورايا وبلاقي عين كيران باصة، بس لتحت عند مؤخرتي. لما شافني بصيت، رفع عينيه اللي وسعت بسرعة ورجع بصره لكريس تاني.
    
    إيه حكاية الواد ده؟
    
    "مش عارفة يا أليس، بس الواد ده مزّ وغريب فشخ،" بقول في التليفون وأنا ماشية راجعة شقتي. كنت كلمت أليس من كام دقيقة عشان أسألها لو عايزة حاجة من الحرم الجامعي قبل ما أرجع من محاضرات بعد الضهر، بس بقالي كام دقيقة بشتكي لها على اللي حصل الصبح.
    
    "شكله كده. كلمتيه تاني قبل ما تمشي؟"
    
    "لأ. تجنبت أوضة التكنولوجيا. ما كنتش قادرة أستحمل الجو ده تاني. ما كنتش عارفة ده توتري المعتاد، ولا كان بيبص عليّ، ولا كان فاكرني عفريت قبيح، وده اللي إحنا الاتنين عارفين إني مش كده، بس زي ما انتي عارفة. الناس أذواق. أنا بس بكره إني ما بعرفش أقرأ اللي قدامي، انتي عارفة كده."
    
    "أيوة أيوة يا أستاذة علم نفس. عارفة إنك عايزة تقري الناس وتبقي دكتورة نفسية، بس لسه بدري. بطلي تحاولي تعالجي الناس قبل أوانك،" أليس بتضحك. بتنهد وبأهز راسي، وبأفتكر إنها مش شايفاني.
    
    "عارفة، بس أعمل إيه؟ هفضل أفكر في الموضوع ده كتير عشان دي طريقة دماغي. ممكن نتكلم أكتر بعدين بقى. أنا داخلة أجيب قهوة. عايزة حاجة؟"
    
    "أكيد! هاتيلي بتاعتي اللي متعودة عليها. أنا مستنياكي في البيت."
    
    
    
    بدخل قهوة على طرف الحرم الجامعي، وبمشي ناحية الكاشير بعد ما قفلت التليفون. بطلب قهوتي المعتادة لاتيه كراميل من غير سكر وموكا بالشوكولاتة البيضاء لأليس من الباريستا المفضلة عندي، جينا.
    
    "شكرًا يا نون. غالبًا هشوفك بكرة. أنتِ عارفاني أنا وقهوتي،" بضحك وأنا باخد القهوتين منها.
    
    "أكيد. سلميلي على أليس!"
    
    "هوصل،" بابتسم.
    
    جينا شغالة باريستا في القهوة دي من أول سنة ليا في الجامعة من سنتين. دلوقتي وأنا في تالتة، شفنا بعض كتير. عشان اسمنا قريب من بعض، ارتحنا لبعض بسرعة. حتى بقينا ننادي بعض "نون" و"ميم". كانت هزار في الأول بس لزقت كده.
    
    المشي كام بلوك من الحرم الجامعي بيكون مريح للأعصاب دايماً. ميزة المدن الصغيرة إن أغلب الحاجات بتكون على مسافة مشي، وإن الواحد يكون نشيط دي من أحسن الحاجات اللي ممكن أعملها. أغلب الناس ما بيتخيلوش إني نشيطة عشان تخينة، بس دي جينات ومعدل حرق. على الأقل ده اللي اتقالي. بعد سنين علاج نفسي طول حياتي، اتعلمت أتقبل جسمي وكل اللي معاه.
    
    الدكتورة بتاعتي، ستايسي، هي اللي ساعدتني في ده. هي اللي ألهمتني إني أبقى دكتورة نفسية زيها. بشوف ستايسي مرة في الشهر دلوقتي وبروح مدينتي عشان أشوفها، غالبًا لما بكون هناك عشان أشوف أبويا.
    
    هو عايش على بعد نص ساعة تقريبًا، في مدينة تانية، فسهل أشوفه كتير كده، مع إني بصراحة مش بحب أروح كتير. لو هقول الحقيقة كلها، أنا بروح عشان أشوف ستايسي وهو بيكون الشخص اللي بشوفه بالمرة عشان كده كده أنا في البلد.
    
    بدخل شقتي بعد ربع ساعة، بحط القهوة على الرخامة وبرمي شنطة الكتب على الأرض. بقف وببص على الشنطة، بحاول أحدد إذا كنت عايزة أسيبها كده ولا لأ.
    
    من ناحية، عايزة أختبر قلقي من إني عايزة شقتي تكون نضيفة، ومن ناحية تانية، مش عايزة أقضي الليل كله بفكر في شنطتي وهي على الأرض وإن حياتي "مش مترتبة". بقرر آخد الشنطة وأحطها في مكانها الصح في أوضتي. لما برجع أوضة المعيشة، بلاقي أليس واقفة هناك بابتسامة خبيثة.
    
    "ما حبيتيش تختبري نفسك النهارده، ها؟"
    
    بتنهد وبترمي نفسي على الكنبة. "ليه لازم تكوني عارفاني كويس كده؟"
    
    أليس بتجيب لي القهوة وبتقعد على الطرف التاني من الكنبة. "عشان أنا صاحبتك المقربة وإنتِ اللي طلبتي مني ألفت نظرك للحاجات دي. ده 'جزء من دراستك'، صح؟" بطلع لساني لأليس وبشرب بق من قهوتي.
    
    مع دراستي لعلم النفس، كان مهم إني أبص على نفسي ومشاكلي كويس عشان أحدد إزاي ممكن أتعامل معاها. طلبت من أليس إنها تخلي بالها من "غرائبي"، زي ما أبويا بيسميها، اللي هي عاداتي اللي بتدل على القلق، بس هو مش بيحب يسميها اسمها الحقيقي. كده ممكن أتحاسب. أغلب الوقت بيكون الموضوع مضايق، بس أنا اللي طلبت منها تعمل كده وده بيساعد.
    
    "أيوة أيوة. شكرًا." بقلب عيني وبرجع راسي لورا على الكنبة.
    
    أليس بتضحك. "آسفة! يا لهوي يا جيما، إنتِ كويسة؟" بتميل عليا وبتربت على خدي بهزار، بتحاول تصحيني. "شكلك محتاجة خروجة بالليل. فيه أي طريقة ممكن أخرجك بيها مع الكل بكرة بالليل؟"
    
    "يا أليس..."
    
    "لو سمحتي! إنتِ عمرك ما بتخرجي وأنا شايفة إن الرقص هيساعدك تطلعي شوية طاقة سلبية. يمكن كمان يبعد تفكيرك عن الواد كيران ده." وبترفع حواجبها لي.
    
    "ماشي. هحاول، بس لازم تسكريني الأول." بتنهد، وبأفتكر مشاكلي المادية الحالية. "كمان، ممكن تضطري تساعديني في حساب المشروبات دي."
    
    بأحس بالذنب إني بطلب فلوس من أليس، بس هي عارفة وضعي، وهي دايماً بتطلب مني أخرج حتى لو هتصرف ضعف المبلغ.
    
    "يا لهوي طبعًا،" بتبتسم بخبث، "هو أنا بعمل حاجة غير كده؟"
    
    
    
    
    
    "إيه يا أنتوني. أنا ماشية. محتاج حاجة قبل ما أمشي؟" بدخل راسي أوضة التكنولوجيا وببص عشان أشوف موافقته. وأنا بعمل كده، وشي بيخبط في حاجة جامدة قدام الباب. "آي." بدلك على جبيني وأنا سامعة صوت أنين بيرد عليا.
    
    ببص لفوق وبلاقي كيران، اللي دلوقتي بيدلك على صدره شوية. "إنتِ كويسة؟"
    
    أنا باصة عليه ومش مستوعبة خالص إنه بيكلمني بجد.
    
    "يا جيما، عندك ارتجاج في المخ؟" أنتوني بيطلع ورا كيران وبيضحك عليا. "شكلك خبطتي راسك في صدره هنا،" بيقول وهو بيخبط على كيران، "وده جامد بجد." أنتوني بيغمز لي. أنا باصة عليهم هما الاتنين بذهول.
    
    "يا عم، بس بقى،" كيران بيبتسم بسيط وهو باصص ناحيتي. ابتسامته بتختفي وبيسألني إذا كنت كويسة تاني، والنظرة بتبقى مركزة زيادة عن اللزوم، كأنه بيحاول يقرأني.
    
    "أه طبعًا، كويسة خالص. اتخبطت أخطر من كده." عينيه بتتفتح شوية باستغراب. "قصدي، راسي اتخبطت أخطر من كده. لأ، راسي خبطت حاجات أخطر." بفضل أتلعثم في الكلام وبعدين برفع إيدي لفوق. "خلاص مش هتكلم. أنا كويسة. راسي كويسة. صدرك... كويس." هو فعلاً كويس.
    
    عادةً التيشرتات الخضرا بتاعة التكنولوجيا مش بتعمل حاجة للشباب اللي هنا، بس التيشرت بتاعه ضيق شوية وحاضنه في الأماكن الصح كلها.
    
    أنتوني بيبص لي بابتسامة خبيثة على إحراجي، وحاطط إيده على وشه وبيحاول يكتم ضحكته. ببص ناحيته تاني بنظرة فيها يأس خفيف.
    
    "ممكن أمشي دلوقتي؟"
    
    "أيوة. أشوفك الأسبوع الجاي. براحتك خدي بكرة أجازة، شكلك محتاجة راسك تستريح."
    
    بنفخ وبقلب عيني، وبلف عشان أخرج من المكتب. أنتوني عارف إني طلبت إجازة بكرة. كانت حاجة مفاجأة بسبب عزومة أليس للخروج بالليل، بس ما بانش عليه إنه متضايق. ده غير إنه استغلها طريقة تانية عشان يغيظني على إحراجي، فمبقتش حاسة بأي ذنب خالص.
    
    الحرقة اللي حساها في ضهري بتفكرني إن فيه عينين باصين عليا وأنا خارجة من الباب.
    
    ببعت رسالة لأليس بقولها إني في طريقي للشقة. بترد عليا على طول وتقول إنها بتختار لي الطقم وإني لازم أبدو "فاتنة ومثيرة". بضحك وببدأ أمشي ناحية البيت، وبفضل أفكر في صدر كيران وإزاي راسي كانت عايزة ترجع له، حتى لو لثانية واحدة بس.
    
    "يا أليس، مش عايزة ألبس ده. إنتِ عارفة إني مش بحب أظهر كل ده من جسمي." بلف ناحية المراية الطويلة وبفحص الفستان اللي اختارته لي. ده فستان هي اللي غصبتني أشتريه السنة اللي فاتت وعمري ما لبسته عشان عمري ما لقيت مكان ألبسه فيه. الفستان ده بجد بيظهر أكتر بكتير من اللي متعودة عليه. لبسي العادي للخروج بيكون بنطلون جينز ضيق وتوب حلو، غالبًا بيكون بيظهر كتفي اللي فيها نمش.
    
    الفستان ده فيه ورد أحمر على قماش أسود. طوله لحد نص الفخد وضيق بالقدر الكافي اللي يبين إن عندي منحنيات، وحتى في أماكن مش أحسن حاجة. فتحته واسعة من عند صدري، ومبين أكتر من اللازم في رأيي. في كل الأحوال، حاسة إني حلوة فيه، بس مش حاجة ألبسها عادةً. مش بحب لفت الانتباه الزيادة عليا.
    
    "ده المطلوب. إنتِ عارفة إنك مزة، بس عمرك ما بتظهري ده! لو سمحتي بس خلينى ألبسك زي العروسة بتاعتي الليلة. مكياج، شعر، لبس، كل حاجة. أنا مستنية اليوم ده من الصبح."
    
    بتأفف لها وبرخي كتفي باستسلام. بتمتم بـ "ماشي" وهي بتكمل اهتمامها بمظهري. بقلع الفستان وبفضل باللانجري الأسود بتاعي عشان أقدر أجهز. بقعد على كرسي قدام المراية وأليس بتبدأ تكوي شعري.
    
    "ها، كان عامل إزاي الشغل؟ شفتي مستر الغموض؟" أليس بتسأل وهي بتعض على شفايفها وبتحاول تحط بنسة في شعري الطويل البني المحمر.
    
    "أوف. ما تفكرينيش. لسه مش بيتكلم معايا كتير، بس وأنا ماشية النهارده راسي اتخبطت في صدره."
    
    "يا جيما،" بتضحك، "أنتِ بس اللي تعملي كده. إزاي ده حصل؟"
    
    بشرح لها اللي حصل وبحكي لها عن الكلام اللي لخبطته بعد كده. أليس بتضحك وبتهز راسها.
    
    "ليه بتكوني فصيحة كده مع أي حد تاني، بس مش مع الولاد اللي بتلاقيهم جذابين؟"
    
    "مش عارفة. فيه حاجة غلط فيا. يمكن عقدة أبويا؟" ببتسم لها في المراية.
    
    
    
    
    
    
    
    
    "يا بت، بلاش ندخل في الموضوع ده. إيه رأيك أروح أجيبلك شوية كحول؟"
    
    بهز راسي بالموافقة، ومستعدة أفلت الليلة دي وأنسى مسؤولياتي. ومستر الغموض كمان.
    
    بعد ساعتين، كنا في النادي الوحيد في بلد جامعتنا اللي فيه رقص. أليس كانت بتتحرك بجنون جنبي، وشعرها البني الفاتح لازق على رقبتها من العرق. جسمها الممشوق بس فيه منحنيات كان بيتأرجح مع المزيكا، وفستانها الكحلي كان مرفوع لفوق شوية.
    
    بتحرك من وراها وبنزل فستانها لتحت بهدوء. بوَسْوِس في ودانها إني هروح الحمام، والكحول بدأ يعمل مفعوله. بتهز راسها بالموافقة، وبتطلب مني أجيب مشروبات في طريقي للرجوع.
    
    بتحرك بالراحة وسط ساحة الرقص، بخبط في كذا راجل بيوضحوا إعجابهم بيا بإنهم بيمسكوا مؤخرتي أو بيزعقوا بـ "يا بيبي" فوق صوت المزيكا. بستفرغ جوايا، وأخيرًا بوصل لحمامات الستات في آخر النادي. لحسن الحظ، مش بستنى في الطابور كتير.
    
    بعد ما خلصت حاجتي وعدلت ملمع الشفايف، بخرج من الحمام وبخبط في حد. إيه حكايتي مش ببص وأنا ماشية؟
    
    "يا خبر. إيه حكايتك مش بتبصي وأنتِ ماشية؟"
    
    إيه ده؟ هو الشخص ده لسه قارئ أفكاري؟
    
    "لأ، ما قرتش أفكارك، بس أعتقد إنك بتفكري بصوت عالي دلوقتي." برفع عيني وبلاقي كيران واقف قدامي، وماسك دراعي الاتنين عشان يتأكد إني ثابتة. كالعادة، الكلام بيهرب مني. وده مش بيساعد إن إيده بتحرق جلدي بأحلى طريقة ممكنة.
    
    عينين كيران بتنزل وبتتتبع جسمي ببطء. كل بوصة فيا بتنور، وبتخلي الحرارة تطلع لخدودي. دراعي بيقشعر وبأعتقد إنه حس بده، عشان إيده بتسيبهم بعديها على طول.
    
    بيحنك وبيبعد شعره عن جبينه، ودي عادة لاحظتها عنده. واقف قريب خطير. بستغل الفرصة وببص عليه، لابس بنطلون جينز غامق، وقميص أبيض، وجاكت جلد.
    
    يا لهوي.
    
    يا خراشي، يا رب ما يكونش ده طلع مني بصوت عالي.
    
    وش كيران بيتحول لابتسامة خبيثة.
    
    بيقرب بوقه من وداني، وريحة كحول خفيفة بتخترق حواسي. "أنا مبسوط إنك كويسة. ما تخبطيش في حد تاني، تمام؟ حابب أفتكر إني أنا الوحيد اللي بتعملي كده معاه." بيبتسم بغرور وبيمشي ناحية ساحة الرقص، وبيختفي في الزحمة وأنا باصة وراه باستغراب.
    
    إيه الهبل ده؟
    
    "يا جيما! كنتي فين؟" أليس بتزعق لي فوق صوت المزيكا لما برجع لها ومعايا المشروبات في إيدي.
    
    "احم، مستر الغموض هنا. وبص عليّ بصة فظيعة كمان. شكرًا على اقتراح اللبس."
    
    أليس بتلف ناحيتي بصدمة. بتصرخ بفرحة، وبتحضني وهي بتتأرجح بيا رايحة جاية.
    
    "يا بت، يا بت. مش لازم ندلق المشروبات بتاعتنا،" بضحك. "ده غير إن ده غالبًا ما كانش حاجة."
    
    أليس بتديني واحدة من نظراتها المشهورة، اللي بتقول لي إنه مستحيل ما يكونش حاجة. بهز كتفي وببدأ أرقص تاني، وباحتك بأليس لما أغنية آر أند بي بطيئة بتبدأ.
    
    مع إني مش بخرج كتير، أنا بحب الرقص. ممكن ما أكونش أحسن واحدة بترقص، بس عندي نوع من الإيقاع. وأنا بلف عشان أدي فرصة لأليس تتحرك قصادي، بشوف كيران الناحية التانية من الأوضة، ماسك في واحدة طويلة وشعرها أشقر.
    
    السبب الوحيد اللي مخليني متأكدة إنه هو هو الجاكت الجلد اللي كان لابسه من شوية وشعره الغامق. وحقيقة إنه بيزق البنت دي على الحيطة بعنف وهو بيبوسها جامد، بعد اللحظة دي معايا على طول، مضايقاني شوية. بوقف حركتي، وده بيخلي أليس تلف وتلاحظ تعبير وشي.
    
    "إيه، بتبصي على إيـ..." بتقف في نص السؤال لما بتبص في الاتجاه اللي أنا باصة فيه. "هو ده؟"
    
    
    
    
    بهز راسي وعيني أخيرًا بتسيب المنظر. "كله تمام. أنا ماليش حق فيه. يلا بينا نكمل رقص. بس الأول، مشروب تاني،" بقولها وأنا بخبط الكوباية اللي في إيدي على الترابيزة.
    
    "لأ لأ. إيه رأيك نلاقي واد تاني؟ يمكن ده يلفت نظره،" أليس بتزعق الكلام ده في وداني وبأهز راسي. الرقص مع الصحاب حاجة، بس مع واد؟ مستحيل. مش عايزة أبدأ حاجة مش ناوية أكملها خالص.
    
    فجأة، بلاقي نفسي بتدفع ناحية واد أطول مني بحوالي نص قدم عن طولي اللي هو خمسة قدم وسبعة بوصة. بيبتسم وبيوطي راسه وبيسألني عن اسمي وإيه اللي عمله عشان أكرمه بوجودي في ساحة الرقص. بضحك على سؤاله وبقول له اسمي.
    
    "أنا اسمي تايلر. بما إنك موجودة بالفعل، تحبي ترقصي؟" بهز راسي له، وكل ترددي بيختفي مع تأثير الكحول، اللي بيخليني أنسى.
    
    ببدأ أتمايل مع المزيكا، ووسطي بيلاقي طريقه في إيده. حاسة بثقة غريبة الليلة دي. أكيد ده بسبب الفستان. أو بسبب الإعجاب اللي شفته في عينين كيران من شوية. في كل الأحوال، ده نافع معايا.
    
    بلف عشان ضهري يكون ناحية وش تايلر، ولسه بحرك وسطي وهو ماسكه جامد. ببص قدامي وبلاقي المكان اللي كيران كان بيبوس فيه البنت الشقرا من كام لحظة. لدهشتي الكاملة، بلاقي عينيه، اللي فيها نظرة جليدية بتخترقني لحد جوايا.
    
    ده ما بيوقفنيش عن إني أكمل رقصي مع تايلر. برجع راسي لورا وبلف ناحيته، وببتسم، وبدعوه إنه يبوسني. لحسن الحظ، بيفهم قصدي. البوسة كويسة، مش حاجة مميزة، بس هي حاجة.
    
    دي حاجة بتشتت انتباهي وحاجة ما كنتش فاكرة إني كنت مشتاقة لها. عاطفة؟ اهتمام؟ مش متأكدة. كل اللي أعرفه إني عايزة كيران يشوفني وأنا ببوس حد تاني، عشان لسبب مش مفهوم، وجعني إني شفته مع بنت تانية.
    
    

    روايه علاج الروح

    علاج الروح

    2025, كاترينا يوسف

    رومانسية

    مجانا

    فتاة جامعية تعمل وتسعى لتحقيق ذاتها والتصالح مع ماضيها وعائلتها. تتناول القصة رحلتها في اكتشاف الحب والصداقة الحقيقية، بينما تواجه تحديات القلق وضغوط الحياة اليومية. بأسلوب واقعي وروح فكاهية، تستعرض الرواية أهمية التواصل الصحي في العلاقات وتأثير ديناميكيات العائلة على حياة الأفراد. تتضمن القصة لحظات رومانسية وعاطفية، بالإضافة إلى مواقف كوميدية وشخصيات قوية تسعى للنمو والتطور. بشكل عام، هي قصة عن إيجاد الذات والانتماء في خضم تجارب الحياة المختلفة.

    جِـمَّـا

    طالبة جامعية تعمل بجد لتغطية مصاريفها. تبدو واثقة من نفسها ظاهريًا، لكنها في الواقع تواجه تحديات اجتماعية وقضايا تتعلق بصورتها الذاتية وعلاقتها بوالدها. تسعى جيما لإيجاد مكانها في العالم وبناء علاقات صحية.

    أليس

    هي أفضل صديقة لجِـمَّـا وشريكتها في السكن. لم يتم تقديم الكثير من التفاصيل عنها حتى الآن، لكن يبدو أنها شخصية مرحة وداعمة لجِـمَّـا، وتشاركت معها في وضع عبارات إيجابية على مرآة الحمام.

    الموظف الجديد

    شخص جذاب لفت انتباه جيما فور دخوله المكتب. يبدو أنه سيكون له دور مهم في الأحداث القادمة، خاصة مع تكليف جيما بتدريبه.
    تم نسخ الرابط
    روايه علاج الروح

    فيه أجزاء من القصة دي جاية من حياتي وتجاربي الشخصية، بس طبعًا مزودة ومبالغ فيها شوية. يا ريت تحط ده في بالك وأنت بتعلق.
    
    شكراً جزيلاً على قرايتك! أنا متقبلة أي نقد بناء في التعليقات، بس يا ريت يكون كلام كويس ولطيف. :)
    
    ده عمل أصلي أنا اللي ألفته وكتبته وعدلته – أنا الكاتبة. يا ريت محدش ينسخ الكتاب ده.
    
    وصلني كام تعليق بيطلبوا صور للشخصيات لو ممكن. دي أقرب حاجة قدرت أوصلها للصورة اللي كانت في دماغي للشخصيات، بس برضه مش هي بالظبط 100%. أتمنى ده يساعد!
    
    جِـمَّـا
     
    صور حب
    _____________________________ كِـيـرَان
    _____________________________ فيه أوقات في الحياة الواحد مش بيبقى متأكد هو بينتمي لإيه ولا حتى بيعمل إيه هنا. أوقات بتحس إنك تايه أوي ومش عارف إزاي تلاقي نفسك أو الناس اللي بتنتمي ليهم. أوقات بتلاقي فيها حد مهم أوي، وجوده ضروري أوي في حياتك، لدرجة إنه بياخدك على غفلة. أوقات بتكون بتكتشف فيها مين أنت، حتة حتة، وإيه هي حدودك. أوقات بيكون فيه حاجات كتير بتحصل لدرجة إنك مش عارف تتعامل معاها إزاي. في حياتي أنا، كل الأوقات دي حصلت مرة واحدة، وكانت أكتر حاجة مبهجة ومخيفة في نفس الوقت مريت بيها في حياتي كلها. ودي حكايتي عن إزاي لقيت نفسي وعيلتي والشخص بتاعي. الواحد يصحى الساعة 5 الصبح كل يوم دي حاجة عمري ما كنت أتخيل إني هعملها، بس أهو ده اللي بيحصل. بدوس على زرار الغفوة للمرة التالتة، عارفة إنها آخر مرة قبل ما أقوم عشان أبدأ يومي. بتقلب على ظهري وأجيب موبايلي معايا عشان أبص على أي إشعارات وصلت بالليل. طبعًا مفيش حاجة، عشان مفيش بني آدم صاحي بدري كده. ببعت بسرعة صورة سيلفي على سناب شات لأقرب صاحبة ليا، أليس، عشان نكمل السلسلة بتاعتنا. بكتب "صباح الخير" مع صورة ليا وشعري منكوش حوالين كتفي. المنبه بيرن تاني، بيخليني أقعد وأنزل رجلي من تحت البطانية. أنا اتحولت لواحدة بتصحى بدري في السنتين اللي فاتوا بتوع الكلية بسبب شغلي في مكتب الدعم التكنولوجي. الشغل ده بيسد المصاريف، أو معظمها على الأقل، بس برضه لازم أدي دروس خصوصية عشان أجيب فلوس زيادة. بالنسبة للفلوس، بفتح تطبيق البنك على موبايلي عشان أشوف الخسائر. بتخض من الرقم اللي قدامي؛ يا دوبك يكفي عشان أدفع الفواتير ومفيش فلوس عشان أتفسح. هو إيه المتعة أصلاً؟ أنا حتى مش عارفة الكلمة دي. بتنهد وأخرج من التطبيق وأبص ناحية الكومودينو على صورة ليا أنا وبابا. إحنا قاعدين على كرسي في جنينة كنت بروحها وأنا صغيرة. عندي حوالي سبع سنين في الصورة ووشي كله ابتسامة كبيرة وأنا ببص عليه. حتى ساعتها كنت بستنى منه الموافقة على طول. بقوم من السرير وألم هدومي بتاعة النهارده. بفتح باب أوضتي بالراحة وأبتدي أمشي ناحية الحمام، بحاول أجهز ليومي من غير ما أصحي أليس. إنك تعيشي في شقة مع صاحبتك المقربة وأنتوا الاتنين في الكلية ليها مميزات، بس لما هي مبتحبش تصحى قبل الساعة 9 الصبح وأنتِ شغلك لازم تصحي الساعة 5 الصبح، ده ممكن يعمل شوية مشاكل. لما بدخل الحمام، بولع النور وأقفل الباب. بلف ناحية المراية، وبنط نطّة صغيرة من منظري الحالي. شعري الأحمر النحاسي هايش، أقل ما يوصف بيه، وبطني اللي مش مسطحة أوي باينة من تحت التوب اللي كان مرفوع لفوق بالليل. بضيق عيني عشان أقرا النوتات اللاصقة اللي على المراية وعليها كلام إيجابي زي "أنتِ جميلة"، "أنتِ ست بمية راجل"، "الكيرفي مثير"، و"أنتِ تخينة وأنتِ زي الفل". ببتسم وأقول لنفسي "أنتِ فوضى حلوة، وأركز على كلمة حلوة". ناس كتير بتزعل مني لما بقول على نفسي "تخينة"، بس بصراحة لازم الكلمة دي تبطل تبقى كلمة وحشة أوي كده. دي طريقة بوصف بيها نفسي عشان الحقيقة إني تخينة، وده مش معناه إني مش بني آدمة زي أي حد. جسمي مش بيحدد جمالي ولا قيمتي كإنسانة، وبحاول بكل قوتي أثقف نفسي عشان أبقى واعية أكتر بنفسي. وحتى لما بشرح كل ده، نادرًا ما حد بيفهم. أليس بتفهم، وعشان كده حاطين الكلام الإيجابي ده على المراية عشان نشوفه كل يوم. بعد روتين الإيجابية الصباحي بتاعي، بستحمى وألبس وأعمل شعري ومكياجي، بأقل حاجة ممكنة. ببتسم لنفسي في المراية وأقرا الكلام تاني، المرة دي من غير ما أضيق عيني عشان لبست العدسات. بسوي لبسي الكاجوال الأنيق على منحنياتي، معجبة بكل حتة في نفسي، وبأومئ براسي بالموافقة. "جِـمَّـا؟" بسمع صوت أليس مبحوح من ورا باب الحمام. بفتح الباب وألاقيها واقفة وشعرها منكوش أكتر من شعري الصبح، وشعرها البني الفاتح مرفوع كعكة فوضوية. "آسفة، صحيتك؟" بقولها بوش مكشر. "لأ، مش أنتِ المرة دي. دي كانت رغبتي في إني أدخل الحمام. ممكن أدخل دلوقتي لو سمحتي؟" بتضحك وهي بتبتدي تعمل رقصة "أنا لازم أدخل الحمام". ببتسم وأخرج من الحمام وأشاور بإيدي بمعنى "اتفضلي". بتبتسم بخبث ومبتتعبش نفسها حتى تقفل الباب. بقلب عيني وأمشي في الطرقة. "يومك سعيد يا ست الكل!" بزعق لها قبل ما آخد قهوة مثلجة من التلاجة وأحط شنطتي على كتفي. بستعجل وأخرج من الباب، بس مش قبل ما أسمع رد أقل حماسًا منها من الحمام بيقول "وأنتِ كمان". "جِـمَّـا؟ ممكن تردي على التليفون لو سمحتي؟" أنتوني بيزعقلي من الأوضة اللي جنبها وهو بيطبع كام بوستر عشان يتحطوا في الساحة. بتنهد وأزح كرسيي على مكتب الاستقبال للناحية التانية، وكدت أقع في العملية دي. بعد ما استعدت توازني، رديت بسرعة على التليفون، "مكتب الدعم التكنولوجي بجامعة ولاية واشنطن، معاكِ جِـمَّـا". بتكلم مع البنت اللي على التليفون عن مشكلة في اللاب توب بتاعتها وبحدد معاها معاد تيجي فيه بعد الضهر عشان تقابل حد من الفنيين. بضيف الميعاد ده على الكالندر الأونلاين وأرجع تاني لمكاني على المكتب الطويل اللي على شكل نص دايرة. أنتوني بيطلع من أوضة البرنتر بعد دقيقة ويشكرني إني رديت على التليفون. "فيه حاجة مهمة؟" بيقف جنب الكرسي بتاعي ويبص عليا بعينيه الخضرا. أنتوني شكله حلو أوي، بس هو بيحب الرجالة. لو مكنش كده، كنت هبقى في مشكلة. أنا بستضعف الشعر الغامق والعيون اللي بتلمع؛ وهو عارف ده. بشرته الزيتوني بتزود شكله حلاوة. "لأ، مجرد معاد لفني. رتبته عشان بعد الضهر. فيه كام فني موجود وفيه مكان فاضي في الجدول، فالموضوع مش هيبقى كبير يعني؟" "أه، وكمان فيه حد جديد هيبدأ شغل النهاردة. أعتقد اسمه كايل؟ كايدن؟ حاجة بتبتدي بحرف الكاف." بضحك على وصف أنتوني وبقوله ربنا معاه في تدريب الوافد الجديد، عشان دي حاجة ناس كتير مننا في المكتب بيكرهوها. بيبصلي بوش مذنب، وعاضض شفته وماسك البوسترات على صدره. يا لهوي. "أرجوك متقوليش إني أنا اللي هدربه؟" بتأفف وبحط راسي على المكتب، جبيني بيلمس السطح البارد، وأنتوني بيهز راسه. "ليه؟" مش قادرة أمسك صوت التذمر اللي خرج من زوري. "أنا مشغول أوي بالبوسترات دي وبالتحضير لمعرض التكنولوجيا. أنتِ اللي هتاخدي الموضوع ده. آسف!" أنتوني بيخرج من المكتب عشان يعلق البوسترات، وبيسيبني وراسي على المكتب. أه، صح. هو مش آسف خالص. بكره أدرب ناس جديدة، بالذات لو كانوا رجالة. ممكن أبقى مش اجتماعية بالمرة. أنا واثقة من نفسي، أكيد، بس ده مش معناه إني بعرف أتصرف طول الوقت. بفتكر مرة لما دلقت الصودا بتاعتي على واحد كان شغال في كشك بيبيع حاجات في السينما. ابتدى يتكلم معايا وأنا مكنتش عارفة أرد على معاكسته إزاي. كنت بمد إيدي عشان آخد الكوباية، بس وقعت من على الكونتر. خلينا نقول إني ما أخدتش منه أي حاجة بعد كده، ولا حتى صودا جديدة. شكلي كده لازم "أمشيها لحد ما الدنيا تمشي". مش عارفة قعدت قد إيه وراسي لتحت كده، بفكر إزاي أنا اللي مش بعرف أتكلم ده هدرب الواد اللي "اسمه بيبتدي بحرف الكاف"، بس اللي سمعته بعد كده كان حد بيتنحنح. نطيت بسرعة، وبزح شعري الكيرلي من على وشي وببص لفوق، وبشوف إن الصوت جاي من عنده. يا لهوي! الشخص اللي قدامي ده من أكتر الناس اللي شفتها في حياتي جاذبية. شعره غامق، أسود تقريبًا، ونازل بخفة على جبينه، مغطي حاجة شكلها ندبة. خفيفة، بس هو قريب كفاية إني أشوف إن فيه حاجة هناك. عينيه، زرقا وبتلمع، بتبص حوالين المكتب بفضول. لابس بنطلون جينز أسود وقميص تكنولوجي أخضر، الزي الرسمي بتاع الفنيين في المكتب، وهنا فهمت. يا مصيبتي.
    رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

    Pages

    authorX