هبه والمنتقم: الفصل 12
هبه والمنتقم
2025, خضراء سعيد
اجتماعية
مجانا
في حارة الزهور البسيطة، يعيش أهلها بقلوب مليانة طيبة وشقاء. سعيد يواجه قرار مصيري بالانتقال لمحافظة تانية، وسط مشاعر مختلطة من أسرته بين الدعم والحزن. رغم الفراق اللي بيهددهم، حبهم بيربطهم وبيخلق لحظات فرح وسط الوداع. وبين صوت مكنة النجارة، وريحة العيش البلدي، وأحلام الشباب البسيطة، بتفضل الحارة شاهد حي على جدعنة ناسها.
سعيد
شاب مجتهد ومسؤول، يشتغل في وظيفة كويسة وبيتعرّض لفرصة ترقية هتنقله لمحافظة تانية. بيحب عيلته جدًا ومشاعره دايمًا مخلصة ليهم، وعنده إحساس قوي بالواجب تجاه شغله وأسرته.لمياء
أخته، طيبة ومرحة، بتحب اللمة العائلية وبتخاف من فكرة البُعد. شخصيتها بتتميز بالعفوية والحب الحقيقي لأهلها، بتحاول تحافظ على الجو الدافي في البيت.
سعيد يتنهد: بصراحة... الشغل عاوز ينقلني لمحافظة تانية. لو وافقت، هبعد عنكم فترة طويلة. بس لو رفضت، ممكن أخسر الترقية. صمت يسود المكان، ووشوشهم بتتبدل... لمياء: "يعني هنرجع نقعد من غيرك تاني؟ ده حتى لو مزعج... بس بتلمّنا حواليك!" الأب بهدوء: "إحنا ما بنحبش نوقف طريق حد... بس يا ابني، افتكر إن اللي بيحبك هيستناك." الأم بحزن بسيط: "أنا عايزاك تحقق كل اللي نفسك فيه، بس قلبي هيوحشني صوتك في البيت." نور بحزن طفولي: "بس أنا كنت عايزاك تحضر حفلة مدرستي الأسبوع الجاي..." سعيد يحاول يضحك: "مستحيل أفوّت حفلتك يا نور... حتى لو هاخد أجازة مخصوص." خالد بنبرة جادة: "إنت ساند كبير، ولو مشيت... أنا اللي هشيل مكانك، عارف؟" سعيد يبتسم وهو بيبص لهم كلهم: "أنا كنت فاكر القرار صعب... بس دلوقتي حاسس إني مش لوحدي." الجو بيتقلب فجأة على ضحك لما نور تقع وهي بتجري، ويجروا كلهم يطمنوا عليها... لمياء: "دي فرصة، نخلّي سعيد يعوّضنا عن الرحيل برحلة للعجمى قبل ما يسافر!" خالد: "بس أنا اللى هاختار السندوتشات... المرة دي مش عايز تسمم!" ضحكهم يملأ البيت، وبرغم القرار الصعب، الحب كان حاضر، رابطهم ببعض حتى لو الأيام فرّقتهم شوية. في حارة صغيرة اسمها "الزهور"، رغم إن مفيهاش ورد، بس كلها ناس جدعة، ووشوشهم فيها الطيبة والتعب. أول ما تدخُل الحارة، تلاقي صوت المكنة شغّال من أول اليوم، ده "عم زكريا" بتاع النجارة. راجل كبير في السن، ضهره محني من كتر ما اشتغل سنين، لكن إيده لسه بتعرف تصنع من الخشب تحف فنية. يقعد ينادي على ابنه "محمود"، اللي بيساعده بعد المدرسة: ـ "هاتلي الشاكوش يا واد.. بسرعة قبل ما الزبون ييجي". ومحمود يضحك ويقوله: ـ "هوا أنا هبقى نجّار زيك يا حاج؟" فيبتسم زكريا ويقوله: ـ "أهم حاجة تبقى راجل، واللي تتعلمه بإيدك عمره ما يضيع". وعند نص الحارة، فيه "أم منى"، الست اللي بتشتغل في فرن عيش بلدي. وشّها دايمًا مفحّم من دخان الفرن، بس قلبها أبيض. كل يوم بعد ما تخلص شغلها، تلم شوية عيش بايت وتوزعه على الجيران الغلابة. تقول دايمًا:الرزق لو اتقسم، يزيد، ولو اتخزن، ينشف". وفي آخر الحارة، تلاقي "أشرف"، شاب في العشرينات، شغّال عامل توصيل، راكب عجلته القديمة وبيقول عليها: "رفيقتي في الدنيا دي". بيشتغل من الصبح لحد نص الليل، يوصل طلبات، وياخد الغُلب، بس عمره ما اتأفف. عنده حلم يفتح محل صغير يصلّح فيه موبايلات، بيقول:كل مشوار بجنيه، بيقرّبني لحلمي خطوة". وفي نفس الحارة، فيه "ندى"، بنت في تانية كلية، بتشتغل في محل خياطة علشان تساعد أمها وأخوها الصغير. لما بترجع من الجامعة، تلبس الطرحة وتبدأ تركب الباترونات وتخيط، وإيديها بتتحرك كأنها بترقص. بتقول:أنا يمكن مش أغنى واحدة، بس فخورة إني بساعد في مصاريف البيت". وفي يوم، الحارة اتجمعت كلها على صوت زفة كبيرة، طلع محمود ابن عم زكريا نجح في دبلوم الصنايع وطلع الأول. الناس كلها اتجمعت، والفرح كان بسيط بس فيه حب كتير. أشرف جاب جاتوه على حسابه، وندى خيطتله بدلة بسيطة، وعم زكريا وقف وقال:الشغل مش عيب.. واللي يتعب يشوف خير". من كام يوم، أخوها "زاهر" بعت لها رسالة خفية: "لازم أدخل البيت... في أوراق تخص أبويا، وأنا محتاجها ضروري. سعيد؟ شكلك مخنوق.