هبه والمنتقم (الفصل الثامن)

هبه والمنتقم 8

2025, خضراء سعيد

اجتماعية

مجانا

في براثن شيطان يستغل ضعفها، تعيش سما كابوسًا مظلمًا، تخفي دموعها وراء ستار الوحدة. تهديدات مجدي تحاصرها بصور الماضي، تدفعها نحو اليأس والانعزال. مكالمة غريبة تحمل بصيص أمل من نادين، تزرع في قلب سما سؤالًا خافتًا: هل يمكن للناجين أن يلهموا النجاة؟ روايه ينصح بها للشباب والفتيات

سما

تعيش تحت وطأة التهديد والابتزاز من شخص يدعى مجدي. تعاني من صدمة نفسية عميقة وعزلة اجتماعية، وتفكر في الخلاص من عذابها بطرق يائسة.

مجدي

يستغل ضعف سما ويهددها بصور خاصة لفرض سيطرته عليها وتحقيق رغباته الدنيئة. يمثل الجانب المظلم والانتهازي في القصة.

نادين

فتاة تتصل بسما بشكل مفاجئ، تكشف لها عن تجربتها المماثلة في التعرض للاستغلال والتهديد، وتقدم لها بصيصًا من الأمل وإحساسًا بأنها ليست وحدها في محنتها.
تم نسخ الرابط
هبه والمنتقم

ما بقتش تقدر تبص في عين أي حد.
أمها بتسألها:
"مالك يا بنتي؟ وشك مصفر كده ليه؟"
وهي ترد:
"تعبانة شويّة بس يا ماما…"
وتجري على أوضتها، وتعيط في المخدة، وتعضّ شفايفها علشان صوتها ما يطلعش.
مجدي كان شيطان، كل ما يحس إنها بتحاول تفلت، يرجع يضغط أكتر.
طلب منها تيجي تقابله، ولما رفضت، بعتلها صورة من الصور وقال:
"أنا مش بهزر. صورة زي دي كفيلة تدمر حياتك."
ولأنها كانت لوحدها، خايفة، مضغوطة، راحت له.
ولما دخلت عليه، كان قاعد مستنيها بابتسامة خبيثة.
قالها:
"أهو كده، البنات الحلوة لازم تتربى على إيد حد فاهم."
وبدأ يطلب منها حاجات أبشع، وهددها لو فكرت تسجّله أو تبلّغ.
خرجت من عنده، ماشية زي الميتة، مش حاسة برجليها…
وقفت قدام عمارة عالية، بصّت لفوق…
وقالت لنفسها:
هل ده الحل؟ أخلص؟ أسكتهم؟
بس دمعة نزلت من عينها، دمعة خوف مش بس من الموت، من الحياة اللي سايبنها فيها.
رجعت البيت، مسحت الصور من موبايلها، ومسحت كل حاجة، لكن صورتها جواها كانت مكسورة.
وفي آخر مشهد من الحلقة، سما قاعدة في ضلمة أوضتها، صوت مجدي بيجي على موبايلها من تسجيل قديم:انتي ملكي، فاهمة؟ محدش حيعرف ينقذك.
سما بقت بتقضي اليوم كله في أوضتها، الستارة مقفولة، الأكل بيرجع زي ما هو، والمراية متغطية بقماشة سودا.
كل صوت موبايل بيخلي قلبها يوقف.
كل إشعار، حتى لو إعلان، بيخليها تنهار.
بقت تحس إن كل الناس عارفة… وكل العيون شايفة.
وفي يوم… فتحت موبايلها، ولقت رسالة جديدة من مجدي.
فيديو.
ضغطت، بأيد بتترعش…
وكان فيه صورة ليها، مشهد خاص، كانت ناسيته، وهو مدموج بكلام قذر وموسيقى…
وفي الآخر، مكتوب:لو معجبنيش ردك النهارده… ده حينتشر.
انهارت.
صرخت.
كسرت الموبايل بإيدها، ورمت نفسها على الأرض.
بدأت تترجّى نفسها:ليه؟ ليه أنا؟ هو أنا استاهل؟ أنا غلطت فعلاً؟ أنا السبب؟
أخدت المقص من درج مكتبها، وقربته من جلدها…
بس قبل ما يحصل أي حاجة، جت لها مكالمة من رقم مش محفوظ.
اترددت… لكن ردّت.
كان صوت بنت…
هادئ، بسيط، لكن فيه دفء غريب.
قالت:أنا اسمي نادين. سمعت عنك من صاحبتك فاطمة… و... أنا كنت زيك.
سما سكتت.
البنت كملت:أنا كمان حد استغلني، وهددني. أنا عشت الجحيم… بس خرجت منه. انتي مش لوحدك يا سما، صدقيني.
كانت أول مرة سما تسمع جملة زي دي.
أول مرة تحس إن في صوت مش بيحكم… مش بيهدد… مش بيطمع.
سما تقفل الخط، تبص لنفسها في المراية لأول مرة من أسابيع،وتقول:لو حد نجى… يمكن أنا كمان أقدر.
في بيت قديم فوق سطح عمارة مهجورة، كان عايش عم "يوسف". راجل كبر به الزمن قبل ما سنه يكبر. من يوم مراته ماتت، والدنيا قفلت في وشّه. مفيش ولاد، ولا قرايب بيطمنوا عليه، ولا حتى صاحب بيخبط عليه يقول له: "عامل إيه يا صاحبي؟".
كان بيصحى الصبح لوحده، ويشرب الشاي لوحده، ويرجع آخر اليوم يقعد قدّام الحيط، يسمع صوت سكوته اللي مابقاش غريب عليه.
الحيطة حافظت حكاياته، والكرسي حافظ تنهيدته.
وفي حي تاني، بنت اسمها "ليان"، عايشة وسط ناس مش حاسين بيها. يتيمة من وهي عندها ٦ سنين. اتنقلت من دار لدار، وكل مرة كانت بتفكر إن يمكن المكان الجديد أحن، لكن للأسف كلهم زي بعض.
العيشة كانت ناشفة، والقلوب أبرد من الهوا.
كانت كل يوم تنزل تتمشى في الشارع، تبص على الناس وهي بتضحك وتقول لنفسها: "هو أنا ليه مش زيهم؟ ليه محسّتش بيوم دافي؟ بحضن صادق؟".
الدنيا بتقسى على ناس أكتر من ناس، ومش دايمًا بتدي فرصة للي محتاج، بس في يوم... لما الوحدة بتقابل الوحدة، ساعات بيتولد من الوجع حاجة شبه الحياة.
في يوم برد، الدنيا مغيمة، والناس ماشية بسرعه تهرب من الهوا، كانت "ليان" قاعدة على سلم عمارة، حضنا نفسها من البرد. كانت جعانة، بس خلاص، بقت متعودة، بطنها لما توجعها بتسكت… زَي ما سكتت على كل حاجة.
يوسف كان معدّي. وشه باين عليه التعب، جسمه منحني من الشقا ومن الأيام اللي ما كانتش سهلة. شافها، وبصلها كأنها صورة منه وهو صغير، كأن الزمن رجّع له روحه وهو مكسور.

تعليقات

  1. عزيز الكيلاني21 أبريل 2025 في 4:07 ص

    بتبقى ناس مريضه لكن لا اعتقد بني أدم يفعل ذلك

    ردحذف
    الردود
    1. مع احترامي شكلك عايش في عالم موازي لإن في امثله كتيره اوى عايشه معانا

      حذف

إرسال تعليق

authorX