روايه لام شمسيه

لام شمسية

2025, أدهم محمد

توعوية

مجانا

تتناول الرواية قضية التحرش بالأطفال من خلال قصة سلمى، التي تعرضت في طفولتها للمس من قبل شخص مقرب من عائلتها دون أن تدرك حينها ما يحدث. بمرور السنوات، تبدأ سلمى في استيعاب الحقيقة، فتصبح أسيرة للذكريات المؤلمة، مما يدفعها إلى مواجهة الماضي ومحاولة كسر حاجز الصمت. تسلط الرواية الضوء على أهمية التوعية، ودور الأهل في حماية أطفالهم، وتشجع الضحايا على استعادة أصواتهم وعدم الخوف من التحدث.

سلمى

فتاة تعاني من أثر تجربة طفولية مؤلمة وتسعى لمواجهة ماضيها.

والدة سلمى

تحب ابنتها لكنها لم تكن واعية بالخطر المحيط بها.

والد سلمى

رجل يثق في أصدقائه دون أن يشك في أحدهم.
تم نسخ الرابط
روايه لام شمسيه

 أنا سلمى، بنت عندي 18 سنة، وقررت أتكلم وأحكي حكايتي، مش عشان حد يواسيني أو يقولي "حقك علينا"، لكن عشان محدش يسكت تاني، عشان أي بنت تعرضت للي حصل معايا تعرف إنها مش لوحدها، وإنها مش لازم تخاف.

وأنا صغيرة، كنت طفلة بريئة، بحب اللعب، الضحك، حضن ماما، وصوت بابا وهو بيحكي لي حكاية قبل النوم. كان كل شيء بسيط، لحد ما فهمت إن مش كل الناس زي بابا وماما، وإن في ناس عندها وشين، بيضحكوا في وشك الصبح، وبالليل يبقوا وحوش.

كان في شخص قريب مننا، كان بييجي البيت كتير، كنت بحبه وأحترمه، مكنش يخوفني، بالعكس، كنت بشوفه شخص طيب، كنت بسلم عليه بحب، بقعد جنبه، وأحكيله عن يومي في المدرسة. كان بيسمعني، يضحك معايا، ويديني الحلوى، مكنتش أعرف إن كل ده مش بريء.

في يوم، وأنا قاعدة بلعب بعرايسي، لقيته نادى عليا، ابتسمت وجريت عليه، كنت فرحانة، بس أول ما قربت، حسيت بإيده تقبض على إيدي بطريقة غريبة. كنت لابسة فستاني الوردي اللي بحبه، وكنت فخورة بيه، لكنه بقى حاجة تانية لما حسيت بإيده تقرب مني أكتر.

كنت طفلة، مش فاهمة، بس حسيت بحاجة مش مريحة، كأن في حاجة غلط، بس مش عارفة أوصفها. قرب مني، نَفَسه كان سخن على وشي، همس لي: "متخافيش، أنا بحبك." جملة كانت ممكن تبقى بريئة لو مكنتش خارجة من فم شخص بيعمل حاجة تخوف.

كنت عايزة أبعد، بس جسمي كان متجمد، فضلت واقفة، خايفة، مش عارفة أتحرك. بعد لحظات، سمعت صوت ماما في المطبخ، فجأة بعد عني، كأنه مفيش حاجة حصلت، كأنه مكنش لسه ماسك إيدي بالطريقة اللي خلتني مش قادرة أتنفس.

من اليوم ده، كل ما أشوفه، كنت بحس برجفة في قلبي، بحاول أهروب، بس هو كان دايمًا موجود، دايمًا عارف إمتى أكون لوحدي، إمتى محدش شايف. كان يقرب، يلمسني بالطريقة اللي تخليني نفسي يوقف، بس مكنتش عارفة أعمل حاجة، مكنتش حتى عارفة أتكلم.

كبرت، وفهمت. فهمت إن اللي حصل كان حاجة مش عادية، وإنه كان لازم أتكلم من زمان، وإنه مش ذنبي، وإنه في آلاف البنات اللي عايشين الرعب ده وساكتين. دلوقتي، أنا مش هسكت، ومش عايزة أي بنت تفضل خايفة. عايزة كل بنت تعرف إن الخوف مش لازم يكون أقوى منها، وإن صوتها لازم يكون مسموع.




مش بس البنات اللي بيحصل فيهم كده، الولاد كمان بيتعرضوا لنفس القذارة من ناس مرضى نفسيين بجد، ناس عايشة وسطنا بوش بريء، بس جواهم وحوش بتدور على أي فرصة تستغل ضعف طفل، سواء كان ولد أو بنت.

في ولاد كتير بيتعرضوا للتحرش بس محدش بيتكلم عنهم، كأن الولد لازم يكون قوي، كأنهم مش من حقهم يخافوا أو يتوجعوا. الولد لو اتعرض لتحرش، بيقولوا عليه: "أنت راجل، ازاي تخاف؟ ازاي تسيب حد يعمل فيك كده؟" كأن الضحية هي اللي غلطان، كأن الطفل، مهما كان جنسه، لازم يكون عنده القوة إنه يحمي نفسه، مع إن المسؤولية دي مش عليه، المسؤولية على الأهل، على المجتمع اللي ساكت، على الناس اللي بتشوف وما بتتكلمش.

في ولاد بيتم استغلالهم من قرايبهم، من مدرسين، من جيران، بس مفيش حد بيصدقهم، مفيش حد بيسألهم: "أنت كويس؟" لأن الولد متوقع منه إنه يكبر ويسكت، متوقع منه إنه يمحي الحاجات دي من دماغه، لكنه مش بينساها، بتفضل محفورة جواه، تأثر عليه، تخليه خايف، تخليه مش واثق في نفسه، تخليه يحس إنه مش طبيعي، مع إن الغلط مش عليه.

في ناس بتفتكر إن التحرش أو الاعتداء حاجة بتتنسى، حاجة مش مهمة، لكن الحقيقة إنه بيهد حياة ناس، بيسرق منهم الطفولة، بيخليهم يعانوا سنين طويلة، ممكن حد يفضل شايل الجرح ده لحد ما يكبر، ومن كتر الضغط، يتكسر، يبقى شخص مش قادر يحب نفسه، مش قادر يثق في حد.

اللي زيي، واللي زي أي بنت أو ولد مروا بالحاجات دي، مش لازم يفضلوا عايشين بالخوف. إحنا مش لازم نسكت، لازم نحكي، لازم نواجه، مش بس عشان نفسنا، لكن عشان محدش تاني يعيش نفس الألم اللي إحنا عشناه.




كلنا شفنا مسلسل "لام شمسيه" أو أي عمل تاني ناقش قضايا التحرش، وكل مرة بنتفرج على حاجة زي كده، بنحس بنفس الصدمة، بنفتكر إن الواقع أحيانًا أبشع من الدراما، وإن اللي بيتعرضوا للحاجات دي مش مجرد شخصيات على الشاشة، دول أطفال حقيقيين، حوالينا، في كل بيت، في كل شارع، ممكن يكونوا أقرب مما نتخيل.

المشكلة مش في إن الحاجات دي بتحصل، المشكلة في إن ناس كتير بتتجاهلها، بتقول: "إحنا مجتمع محترم، الحاجات دي مش عندنا." بس الحقيقة إنها عندنا، وموجودة أكتر مما حد يتخيل، في البيوت، في المدارس، في الأماكن اللي المفروض تكون أمان للأطفال، وسط ناس المفروض يكونوا أهل ثقة.

المسلسلات والأفلام ممكن تفتح عيوننا، تصحي جوانا الإحساس بالخطر، بس لو كلنا شفنا وتأثرنا وسكتنا، يبقى ماعملناش حاجة. لازم نتكلم، نهتم بأولادنا وبناتنا، مش بس نخاف عليهم من الغريب، لأن الغريب أحيانًا بيكون أقرب حد، الشخص اللي محدش يشك فيه.

كل طفل لازم يحس بالأمان إنه لو حصل له حاجة يقدر يحكي، من غير ما يخاف، من غير ما حد يقوله "اسكت، محدش هيصدقك، عيب تتكلم في الحاجات دي." كل طفل لازم يعرف إن جسده ملكه، وإن مفيش حد ليه حق يلمسه بطريقة تزعجه، وإنه لو حس بالخوف، أو بعدم الراحة، لازم يتكلم، ولازم يلاقي حد يسمعه ويصدقه.

السكوت هو اللي بيشجع المجرمين يكملوا، والخوف هو اللي بيخلي الضحايا يفضلوا شايلين الوجع جواهم طول عمرهم. عشان كده، لازم نوعي نفسنا، ولازم نخلي كل طفل يعرف إنه مش لوحده، وإن صوته لازم يتسمع، وإنه دايمًا في حد هيحميه.


 كل أم لازم تكون الدرع الحامي لبنتها، مش بس إنها تأكلها وتلبسها، لكن إنها تزرع فيها القوة والشجاعة إنها تحمي نفسها. أي بنت لازم تعرف إن جسدها ملكها، وإنها مش مجبرة تسكت لو حد قرب منها بطريقة مش مريحة، حتى لو كان أقرب الناس ليها. لازم تفهم إن "العيب مش عليها، العيب على اللي بيعمل الغلط".

بمجرد ما تحس إن في حد بيلمسها بطريقة غريبة، لازم يكون رد فعلها فوري: تشتمه، تصرخ، تجري، تيجي تحكي لأمها في نفس اللحظة. مفيش حاجة اسمها "يمكن كان بالغلط" أو "مكنش يقصد"، لأن اللي بيبدأ بحاجة صغيرة، ممكن مع السكوت يتمادى أكتر.

والأم دورها هنا مش إنها تهدي بنتها وتقولها "خلاص، مفيش حاجة، متكبريش الموضوع"، بالعكس، لازم توقف مع بنتها، تصدقها، وتتصرف بدون تردد. لو حد عمل كده، يتحاسب، يتحط عند حده، يتحول لعبرة لأي حد ممكن يفكر يعمل زيه.

مافيش تسامح في الحاجات دي، اللي يمد إيده على بنت صغيرة، ماينفعش يفضل حر، ماينفعش يتم التعامل معاه بالطيبة. التستر على الأشكال دي هو اللي بيشجعهم إنهم يستمروا، لكن لو كل واحد عرف إن مصيره الفضيحة، العقاب، والانتهاء، ساعتها الدنيا هتبقى أأمن لبناتنا وأولادنا.

______________________________________

أنا فاكرة اليوم ده كأنه حصل امبارح. كنت صغيرة، بريئة، مفيش في دماغي أي حاجة وحشة، كنت بضحك وأجري زي أي طفلة، عمري ما تخيلت إن في شر ممكن يستخبى في الناس الكبار، خصوصًا الناس القريبين مننا، اللي المفروض يكونوا أمان مش خطر.

صاحب أبويا كان بيجي البيت دايمًا، بيتكلم مع بابا ويضحك معاه، وأنا كنت بحس إنه جزء من العيلة، عمري ما كنت أتخيله غير كده. في يوم، وأنا قاعدة في الصالة، قرب مني بطريقة غريبة، كنت طفلة، مكنتش فاهمة إيه اللي بيحصل، مكنتش حتى مستوعبة إن في حاجة غلط. لمسته كانت مش طبيعية، مش زي أي لمسة عادية من أي حد في العيلة، كانت مختلفة، غريبة، بس عقلي الصغير مقدرش يستوعب الفرق.

فضلت سكتة، مش عارفة أتكلم أو أقول حاجة، حسيت بضيق غريب، كأن في حاجة جوايا بتقولي إن ده مش طبيعي، لكني كنت طفلة، وطفلة ساذجة بتصدق إن الكبار مش ممكن يأذوا حد. اليوم ده عدى، وأنا نسيت، أو بمعنى أصح، أقنعت نفسي إني نسيت. لكن الذكرى دي فضلت جوايا، مختبئة في عقلي الباطن، لحد ما كبرت وفهمت.

فهمت إن اللي حصل كان غلط، وإنه استغل براءتي وضعفي. فهمت إن في ناس بتستخبى تحت قناع الاحترام، لكنهم وحوش بجد. فهمت إن الأطفال أحيانًا مش بيبقوا قادرين يحموا نفسهم، وإنهم محتاجين حد يحميهم، حد يفهمهم، حد يقولهم "لو حد لمسك بطريقة مش مريحة، لازم تتكلم، لازم تصرخ، لازم تجري."

أنا دلوقتي فاهمة، بس وأنا صغيرة مكنتش فاهمة، وده اللي وجعني أكتر، إني سيبت الموقف يعدي من غير ما أعمل حاجة، من غير ما أصرخ، من غير ما أحكي لحد. وده أكتر شيء بكرهه، إني فضلت ساكتة، مش لأني كنت خايفة، لكن لأني ببساطة مكنتش عارفة.



نصيحة ليكم: اهتموا بأولادكم، خلوهم يحسوا بالأمان، علموهم إن جسدهم ملكهم، وإن مفيش حد ليه حق يلمسهم أو يقرب منهم بطريقة مش مريحة.

مافيش حاجة اسمها "ده عيل مش هيفهم"، بالعكس، الأطفال بيفهموا كل حاجة، لكن الفرق إنهم مش دايمًا بيعرفوا يعبروا أو يفسروا اللي بيحصل. علّموا ولادكم من صغرهم إنهم لو حسوا بأي حاجة غلط، لازم يتكلموا، لازم يحكوا، لازم يعرفوا إنكم هتصدقوهم وهتوقفوا جنبهم.

بلاش تقولوا "ده عيب"، "متتكلمش في الحاجات دي"، "نسيبها على الله"، لأن الصمت عمره ما كان حل. اللي بيستغلوا الأطفال بيعتمدوا على سكوتهم، وبيعرفوا كويس إن الطفل مش هيقدر يدافع عن نفسه لو ماتعلمش إنه لازم يتكلم وما يسكتش.

كونوا مصدر الأمان لأولادكم، خلوهم يعرفوا إنكم الحماية الحقيقية ليهم، وإن مفيش حاجة في الدنيا أهم من سلامتهم.

تعليقات

authorX